كما في كل عدد تُخَصِّص مجلة "العالم والحكماء" للنقباء السابقين وجودهم الاعلامي المنير لمستقبل المحاماة في لبنان، وقد رفض المشاركة فورا كل من النقباء: عصام الخوري، ريمون عيد، شكيب قرطباوي، وبطرس ضومط._
وقبِل المشاركة ثم عدَل عنها كل من النقيبين: أنطونيو الهاشم، وسمير ابي اللمع. ولم يرد على الاتصال الهاتفي والتواصل الالكتروني النقيب سليم الأسطا، فيما ردت النقيبة أمل حداد عبر وسيلة التواصل الاجتماعي متمنية النجاح للمجلة.
ووافق فورا كل من النقباء عصام كرم، رمزي جريج، وجورج جريج. فطُرِح عليهم سؤالان للاجابة على واحد:
بعد سنوات من الخبرة في مجال المحاماة والاشراف على الشأن النقابي وعلى تأدية مجلس النقابه دوره، كون النقيب بعد انتهاء ولايته يشرف على أعماله ويقدم النصائح دون التصويت:
1- كيف تروا نقابة المحامين في بيروت اليوم من الأمس؟ وهل تُمْسِك النقابة اليوم بزمام الأمور الذي يبقيها في مستوى الفعالية التي بدأت منها: الاستقلالية، المناقبية والمحاسبة المتجردة والملتصقة فقط بالعدالة والحقوق بعيدا عن الوساطات؟ وألا تجدوا ان تحديد مدة ولاية النقيب بسنتين مع عدم السماح له بالترشح فورا بعد انتهاء ولايته عطلت تقدم النقابة؟ ومنعت وجود قيادة تاريخية للنقابة على غرار قيادة النقيب الراحل ملحم كرم التي رسمت لنقابة المحررين هالة في المجتمع اللبناني؟
2- لو ترشحتم وفزتم بمركز النقيب مرة ثانية، ما هو الأهم الذي تفعلوه لجهة تصويب قانون ممارسة مهنة المحاماة ونظامها الداخلي، وهل تسعون الى تمديد مدة ولاية النقيب لأكثر من سنتين؟ ولماذا؟
النقيب عصام كرم في الانتخابات: قدرنا أن نربح جولة المستوى
نقيب المحامين السابق المحامي عصام كرم صاحب الخبرة الواسعة، والجرأة الحكيمة، لا يزال كما نعهده، وقد تجاوز الثمانين، فكرا وعقلا وحضورا مميزا، وشعلة متَّقِدة لا تخبو من الفطنة والحنكة في التعبير والتقدير والمفاخرة الصائبة._
وقد قصدناه في مكتبه بالقرب من وزارة وقصر العدل في بيروت لنطرح عليه أسئلة العدد 17/2018، فسألناه:
"ذات مرة غضبتَ من قلم المجلة، وها انت اليوم راض عنها لماذا؟ فأجاب مما أجابه:" كان المرحوم والدي عندما يغضب من أحدهم لسبب ما، يعود فيرضى عنه! سألته ذات يوم، لماذا عندما تغضب وتستاء من شخص أساء اليك تعود عن موقفك وترضى عنه! فأجابني، أنا يا ولدي أغضب لاساءة أحدهم بحقي، لكني أسامح بسرعة، لأن الشخص الذي أسامحه، يقصدني في منزلي، فهل لي أن أبقى مستاءً؟ المسامحة هي من صلب أطباعي !"
وبالانتقال الى اسئلة العدد، قال النقيب كرم:
"نِقابة المحامين في بيروت تعيش إستمرارية الإيمان بالقِيَم المركوزة في المناقبية المهنية والتطلّع الوطني. أنا لا أُريد الدخول في جولة التقويم المقارِن بين الأمس واليوم. فكل المؤسّسات تمرّ بأيام وهج مثلما تمرّ بأيام خفوت. هذه مسحة يضفيها شخص المسؤول الأول ومعه أعضاء مجلس النِقابة. نقيب المحامين إبن الشأن العام. إبن الشيء العام ... ونعتمد تعريب العبارة الفرنسية La chose publique .
من هنا ... أن لنقيب المحامين، مع مجلس النِقابة، "رأيا" في الشأن الوطني يتعادل ورأيه في الشأن المهني. هي مواكبة عاقلة طَموحة لم تتوافر في كلّ العهود. فقد تولّى القيادة النِقابية، مرّات، مسؤولون تستحّق النِقابة أفضل منهم. ومع ذلك ظلّت المؤسّسة قائمة، ذات وجود. تكابرت على الطائفية، ونهدت إلى العدالة، يرسيها قضاء وصفه مونتيسكو بكلمة: ألقاضي فم القانون La bouche de la loi . "
ورأى النقيب كرم "ولاية السنتين كافية". وأضاف: "نقيب المحامين سلطان مطلق لا يد فوق يده. لا يد مجلس النِقابة. ولا يد الجمعية العمومية. فوق يده يد الله. والكلام للنقيب جان تيّان. هذا السلطان يُحْتَمَل سنتين. وهما كافيتان لتمكينه من إثبات وجوده ... إذا كان ذا وجود."
أما عن تمديد ولاية نقيب المحامين في بيروت، كما فعل شقيقه الراحل نقيب المحررين ملحم كرم، أجاب النقيب عصام كرم "ملحم كرم عمل واجبه. وعزَّز نقابته. وواكب بغيرة ومحبة سيرورة النقابة وهيبتها وكرامة أعضائها. وترك صندوق النِقابة "عامرا" بمليونين ونصف مليون دولار أميركي."
وختم النقيب كرم مؤكدا على أن فكرة الترشح لمركز نقيب والفوز من جديد " ليست فكرة محبَّذة، لأن من لم يثبت وجودا في خلال سنتين لن يستطيع الإنوجاد في السنة الثالثة.. ما نقيبٌ يعي المسؤولية النقابية يترشّح للمرة الثانية. أمّا ما أطلبه من النقيب، وهو كان دأبي دائما، أن يحرص على مستوى المهنة الأنيقة. قدَرُنا أن نربح جولة المستوى. كما أطلب منه أن يضمن أفضل الشروط للمضان الصحي والإستشفائي. فالمحامي يستحقّ طمأنينة تغمره وعياله والأشخاص الذين يتحمّل مسؤوليتهم. "
النقيب رمزي جريج : واجبات النقابة تحديات
النقيب السابق رمزي جريج الذي عوَّدنا على سهولة التعامل معه بكل شفافية وايجابية ومناقبية عالية بعيدا عن التعقيد والمماطلة، فضَّل الأجابة على أحد السؤالين، من خلال كلمة له القاها في المئوية الأولى للنقابة، حيث ان مضمونها يكاد يتطابق مع أجوبة الأسئلة المطروحة. قال فيها:
"هذه السنة تحتفل نقابة المحامين بمئويتها، اذ انها تأسست قبل سنة من اعلان دولة لبنان الكبير في العام 1920. وعلى مدى كل هذه السنوات تألقت نقابة المحامين ومارست مهامها المهنية ودورها الوطني الرائد، فكانت على الدوام مؤتمنة على المناقبية المهنية وحارسة للحريات العامة والحقوق الأساسية وحامية للمسلمات الوطنية وفي مقدمها استقلال القضاء وسيادة الدولة وقرارها الحرّ.
وأضاف أن ممارسة هذا الدور لم يقتصر على اداء بعض النقباء المميزين، بل انه عمل مستمر اضطلع به نقيب بعد نقيب ومجلس بعد مجلس. فكل نقيب بنى مدماكاً في هذا الصرح وسيستمر البناء طالما ان الديمقراطية تسود تداول السلطة في النقابة، فيأتي نقيب ليكمل ما بدأه أسلافه من انجازات طبعت ولايتهم.
لا شك في ان تردي الأوضاع السياسية على اكثر من صعيد يؤثر سلباً على عمل النقابة؛ غير ان من واجبها التصدي لهذه الأوضاع ورفع الصوت عالياً من اجل ادانة كل ما يعيق اقامة دولة القانون من تغليب المصالح الشخصية على المصلحة العامة.
النقباء السابقون – بحكم خبرتهم – هم حراس الهيكل. غير ان مهمتهم يجب ان تقتصر على النصح ومواكبة عمل مجلس النقابة، دون التصويت والتدخل في العمل اليومي الذي تعود صلاحية القيام به للنقيب ومجلس النقابة.
اما فيما يتعلق بمدة ولاية النقيب، فانني ارى ان تبقى لمدة سنتين، لأن هذه المدة كافية لكي ينفذ النقيب المنتخب برنامجه ويقوم بما يملي عليه ضميره. فهالة النقابة لا ترتبط بمدة الولاية، بل ان تداول السلطة هي ميزة الديمقراطية. وان حصر الولاية بسنتين يتفق مع ما هو معمول به في الدول الديمقراطية كفرنسا مثلاً ومع تقاليد نقابتنا منذ تأسيسها.
لا شك في ان تحسين اوضاع النقابة، من تحديث لآليات عملها وتشدد في تطبيق قانون تنظيم المهنة، وتفعيل اللجان النقابية، ومواكبة جدية لعمل القضاء، ان كل ذلك يشكل تحديات يجب على من سيتولى المسؤوليات النقابية القيام به في الأيام المقبلة، لكي تبقى النقابة منارة مضيئة في عتمة الزمن الحاضر."
النقيب جورج جريج مشجِّعا على انتخاب نقيب ونائبه
النقباء أسرى القِيَم والعهود سلسلة بنيان متكاملة
النقيب السابق الأكثر شبابا وديناميكية بين النقباء السابقين جورج جريج، كونه ينتمي الى حزب نشاطاته فيه تفرض عليه الجدية والانفتاح والايجابية الفورية، أجاب دون تردد:
"أهمية العهود في نقابة المحامين أنها سلسلة متكاملة من البنيان، الواحد يكمل الآخر، النقيب الجديد يتابع من حيث انتهى النقيب السابق. لا هدم فيه ولا نقض. فدور النقيب المنتخب أن يحافظ على ما تمّ من انجازات وأن يُحدث من مشروعه انجازات. فكل مرشح نقيب يحمل حلماً وليس أجندة. الأجندة ثابتة، الانتماء للنقابة مهما كانت الطبيعة السياسية للمرسِل، المهم المرسَل اليه! هذا سر النقابة وهذه قوتها. الولاء للنقابة. أما المشاريع فمتحركة وهي تحاكي شخصية كل نقيب ومدى قدرته وحضوره، ومدى اشراكه المحامين في الورشة النقابية."
وأردف " لكن جميع النقباء هم "أسرى" القيم، كما هي قيم الجمهورية في فرنسا، les valeurs de la République ، هكذا عندنا قيم النقابة les valeurs de l’Ordre قيم نهضت عليها نقابة المحامين وهي الحرية والسيادة والاستقلالية واحترام حقوق الانسان وصون الحق والعدالة. هذه القيم جينية لدى المحامي والاّ لما صار محامياً، وهي في أساس ثقافة كل مرشح لمركز نقيب أو طامح لعضوية مجلس النقابة، مهما كان مشربه السياسي وملعبه الحزبي وثقافته العامة. لا خروج عن التاريخ أو على قواعد اللعبة الديمقراطية في نقابة الديمقراطية. الاستنسابية هي من المفردات التي لا تجد محل اقامة لها في نقابة المحامين من منطلق سيادة المَأْسَسَة، وما يحكم النقابة قانون لا اجتهاد فيه، ونظام آداب المهنة وهنا أيضاً لا اجتهاد. والدخول الى النقابة يتم بموجب اختبار، وكذلك الانتقال الى الجدول العام، وعادة نقول ان المحامي هو محام الى الأبد يخرج من المحبرة الى المقبرة، بعد عمر طويل من العطاء والعصف الفكري العميق."
أما لجهة تمديد مدة ولاية النقيب، فقد أكد النقيب جورج جريج أن "الولاية الطويلة غير المحددة بسقف زمني تجعل من النقيب مقيماً سعيداً في مكانه." وأضاف " يجب تحديد مدة الولاية. قد تكون ولاية سنتين غير كافية لانجاز كل المشروع. وقد تفيد اطالة أمد الولاية الى 3 سنوات، لكن هذه مسألة جدلية قائمة، ولكل ولاية من سنتين او من ثلاث سنوات مناصروها! لكن أعتقد أن نقطة الارتكاز موجودة في مكان آخر: كالمشروع الذي يحمله المرشح، وقدراته وامكاناته! احياناً سنتان تكون كثيرة وتضيق احياناً الثلاث سنوات. لكن بالتأكيد ليس محبذاً تجديد الولاية لأن التجديد يجعل المسؤول من حيث يدري أو لا يدري، بالوعي أو باللاوعي خاضعاً لجاذب التجديد وعوامله وظروفه.
كما يمكن الاستئناس ببعض أنظمة النقابات الشبيهة في العالم، وشخصياً أطرح استحداث منصب نائب نقيب والترشح حكماً الى مركزي النقيب ونائبه وفق قاعدة binômes paritai
ارفاق لائحة ثنائية تضم النقيب ونائبته او النقيبة ونائبها بما يحفظ حق المحاميات اللواتي يمثلن نصف النقابة._