قالت أحداهن، قصدت الدوائر العقارية في جبل لبنان، وكان لي زمن وانا ألاحق معاملة تسجيل عقارمن والد لابنه، وهو صهر اختي، زوج ابنتها، الذي لا يستطيع ترك عمله وتضييع وقته في الانتظار لدى الدوائر. وقد دفعت المتوجب من رسوم، وأحيلت المعاملة لأصدارصك الملكية الاخضر في غضون ايام، لكن لم يكن في حساب احد أن تقفل الدوائر العقارية، وأن تتعطل كل مصالح الناس لأسباب لم يعرفها لا الموظف ولا المواطن، سوى شائعات لا قيمة لها حيال الصمت المطبق عن الأسباب، بحيث أوقف موظفون قيد التحقيق معهم وهم لا ناقة لهم ولا جمل، ثم تركوا. واختُرِبت بيوت من لا اسباب لهم فيما يحصل داخل الدوائر العقارية، واللصوص يسرحون ويمرحون بمصيرحياة المواطن الذي يريد السلام والأمان._
وباتت صفحات الأنترنت هي الوسيلة الوحيدة التي تسمح بمتابعة أخبار وزارة المال ودوائرها العقارية، والتوقيت الذي تفتح خلاله اقسامها في لبنان. وكما هي وسيلة سريعة مفيدة، لكنها في آن وسيلة تُغرِق فيها الدوائرالرسمية بهفوات وجهل يدفع ثمنها المواطن._
وصلتُ الى الدوائر بعد الأعلان عن استقبالها للمواطنين الذين لديهم معاملات، ووقفتُ أسأل الموظفة حين جاء دوري عن المعاملة التي وصلت لعندها منذ 15 يوما، ألا أنها أصرّت مرارا وتكرارا وهي تسهل أمورالذين يأتون بعدي، ومن دون أن تراجع الحاسوب لتُعلِمني أين وصلت المعاملة، راحت تقول أذهبي الى القلم. وهناك في الدوائر عدة أقلام، قلت لها راجعي لي الحاسوب، ألا أنها لم تفعل وكررت راجعي بالقلم وأشارت بيدها لأذهب باتجاه الشمال، فخرجت من دون نتيجة بعد ربع ساعة والدمعة في عيني، لأن الوقت ليس مهما لدى الموظف، ولا بعد المسافة على المواطن ولا الكلفة، ولا مسؤوليات الناس تجاه عائلاتهم، وسألت عنصر أمن الدولة وأنا ملأى يأسا من هكذا ظروف، وهكذا موظفين ينغمسون في المعاملات التي تأتيهم منها البركة، لكن تلك التي لا تحمل معها ألا الأفادة لمالكها فهي لا تهمهم._
أين القلم؟ سالتُ! فأراد العنصرأبعادي من التوجه الى الداخل حيث القلم بحجة الزحمة وتأخر الوقت! وبعدما كادت الدموع أن تنهمر وأنا أستميحه الدخول، نظرني عنصر يانع بهي الطلعة، وبادرني القول ادخلي سوف أساعدك. ذهبنا الى القلم الذي سمّته الموظفة وسألنا عن المعاملة، فنظرالموظف الى الحاسوب وقال "لا تزال في الأحتياط!!" أي أن الأدارة أعادت المعاملة من جديد الى بداياتها لكي يسدد المالك الرسوم الأضافية التي يقررونها من دون حق ومزاجيا حيث تدعو الحاجة الى سلب المواطن لتغطية آفاتهم الأدارية.. _
أجابت المواطنة، لكنني سددت المطلوب وللمرة الثانية، فأعاد الموظف البحث في الحاسوب ليقول أنها في بريد أمين السجل منذ 4 حزيران 2024. لكن المزعج والمقزز للنفس أن الموظف سألني أن كنت صاحبة العلاقة، فقلت له أنا وكيلة عنه، فسمع الموظف الثاني الأجابة وصرخ الأثنان معا "وكيلة وتلاحقي بأصرار؟" قلت لهما نعم وكيلة لكن لست سمسارة أحمل كدسة من المعاملات وأقبض عليها وأُقبِّض، أنه صهر أختي زوج ابنتها، ما المشكل في هذا الواقع؟ فسكت الأثنان وانسحبت شاكرة العنصرالطيب الذي أن تابع أنسانيته وكثُر أمثاله اصطلح لبناننا، وألا فلبنان لم يعد لأبنائه._
هذا مثل بسيط جدا مما يحصل في الدوائر العقارية. فليفهم الموظفون بأن السمسارهو الذي يرشي بالمال ليخلِّص كدسة من المعاملات العقارية قبل غيره. هو الذي يقفز فوق حقوق الآخرين ويُفِسد موظفي الدولة بالمال والتمريرات غيرالمحقة. هو الذي ينشرالفساد بطريقة أو بأخرى والموظف يقبل، لأنه قبِل منذ البداية براتب ضئيل معتمدا على ملء جيوبه من السماسرة..فالويل لمن ينتهج سبل الضلال فهي تضله حتى آخرعمره...