مطلق شخص، معروف من أهل البيت أم غير معروف، يدخل الى منزل في الليل وهو مقنع، ويجول في أرجاء المنزل، يصبح دمه مهدوراً، لو مهما أُعْطِيَت الأعذار من دخوله الى مكان يحرِّمه قطعا القانون، والأصول الحياتية الأنسانية، فكيف أِن دخل بهدف السرقة والسلب؟ هذه هي أصداء من سمع بالقضية من دون معرفة التفاصيل. فالقتل هنا يصبح مُحَلَّلًا حتى لدى رب العالمين، وفق ما تنصه الكتب المقدسة: عِبْرةً لمن لا يعتبر!_
قضية قتل السوري الذي دخل ليلا في 5 كانون الثاني من العام 2020 الى منزل الطبيب فادي الهاشم رب عائلة المطربة نانسي عجرم في منطقة ذوق مصبح - نيو سهيلة، أخذت حيِّزاً واسعا من الأهتمام، وتسبَّبت بضجة أعلامية متناقِضة في الآراء لجهة حصول الواقعة وهدفها، من هذه الضجة ما كان مُجيَّشاً للدفاع عن السوري القتيل المُقْتَحِم لمنزل عائلة ترقد في النوم بسلام، ومنها ما كان عفويا مُقاسٌ على كلِّ رب عائلة مسؤول عن عائلته...!_
حسم القضاء مصير تلك القضية بحفظها ومنع المحاكمة عن فادي الهاشم، مبرِّراً القتل في عقرالدار دفاعا عن النفس، سنداً للمادة 184 معطوفة على المادة 563 من قانون العقوبات. لكن كيف علَّلت المحكمتان الهيئة الأِتهامية برئاسة القاضية المكلفة أميرة شحرور، والهيئة التمييزية برئاسة القاضية سهيرالحركة، قراريهما في منع المحاكمة عن فادي الهاشم؟! وكيف اُكِّدت وقائع الحادثة؟_
بداية وبعد وقوع الجرم وتوقيف فادي هاشم احتياطا، أُحيلت القضية الى النيابة العامة الأستئنافية في بعبدا - جبل لبنان، وجرى التحقيق في الملف على كل الصعد، ثم صدر قرارظني بحق فادي هاشم يقضي بأحالته الى المحاكمة بموجب المادة 547 (من قتل أنسانا قصداً عوقب بالأشغال الشاقة ن 15 الى 20 سنة) معطوفة على المادة 228 (أن المهابة وحالات الأنفعال والهوى ليست مانعة للعقاب. على أنه أذا أفرط فاعل الجريمة في ممارسة حق الدفاع المشروع، لا يُعاقَب أذا اقدم على الفعل في ثورة انفعال شديد أِنعدمت معها قوة وعيه أو أِرادته) من قانون العقوبات اللبناني._
وأيَّدت النيابة العامة الأِستئنافية قرارقاضي التحقيق رقم 352/2020 الصادرفي 24 تشرين الثاني 2020. ألا أن وكيل فادي الهاشم استأنف قرار قاضي التحقيق، فأُحيل الملف الى الهيئة الأتهامية برئاسة القاضية أميرة شحرور، التي دونت قرارا من 34 صفحة تطبق فيه وتُعلِّل كل النقاط القانونية التي انتهت بنتيجتها، وبأجماع الهيئة الناظرة في الملف، الى منع المحاكمة عن فادي الهاشم لوجود سبب تبريري تنص عليه المادة 184 / 563 من قانون العقوبات اللبناني._
الوقائع:
وجاء في وقائع القرار أنه في 5 كانون الثاني من بداية العام 2020 حوالي الواحدة فجراً، ورد اتصال هاتفي الى فصيلة ذوق مصبح في غرفة عمليات جبل لبنان الشمالي، يفيد عن أطلاق نار في منزل فادي الهاشم وزوجته نانسي عجرم، بعد أن دخل شخص مُقنَّع بقصد السرقة. ولدى انتقال عناصرالقوى الأمنية الى منزل فادي الهاشم، شوهد أثار لطلقات نارية على حائط غرفة ومسدس على الأرض ومظاريف فارغة متناثرة في الممرالمؤدي الى غرفة النوم، اضافة الى أثاراطلاق ناري على مدخل غرفة الجلوس الواقعة الى يمين الممر، وأثار لطلقات نارية على درف الخزانة وعلى زجاج الشرفة. كما شُوهِد على الأرض دماء وجثة عائدة لرجل في العقد الثالث من العمر، يرتدي سروالا وجاكيت وقفازات لون أسود وحذاء رياضي عليه اثار"وحل" ويضع قناعا على وجهه، تبين أنه المرحوم محمد الموس، فبوشرت التحقيقات لمعرفة ملابسات الحادث._
ثم لخَّص القرارالاتهامي الملف بأن محمد الموس وُجِد يوم 4 كانون الثاني 2020 يتجول على الأقدام حول بيت فادي الهاشم، وعلى خصره مسدس، ثم تسلق سياج المنزل ودخل مقنعا حيث لبث لفترة من الزمن على شرفة المنزل. وعند الواحدة والنصف فجرا من يوم 5 كانون الثاني 2020 دخل المقنع الى المنزل من غرفة الجلوس وصعد باتجاه الطابق الاول نحو غرفة تبديل الملابس، ليخرج بعد ذلك وحول عنقه حقيبة نسائية._
ولدى خروج المقنع من غرفة تبديل الملابس، وبقائه لبعض الوقت في الردهة (القاعة) التي تربط غرفة الملابس، بغرفة نوم فادي الهاشم وزوجته نانسي عجرم، وبالممرالذي يؤدي الى غرف نوم الأولاد، وغرفة الجلوس الصغيرة الخاصة بهم، تفاجأ بفادي الهاشم حاملا كرسيا للأحتماء به، وقد شهرالمقنع مسدسه بوجه فادي الهاشم، وتوجَّه الاثنان الى غرفة نوم الأخير، فيما صعِد في هذه الأثناء سائق فادي الهاشم وشقيقه وصديقهما، ونادوا على فادي الهاشم، فخرج المقنع وشهر مسدسه بوجه الثلاثة طالبا منهم المغادرة، فتراجع شقيق السائق والصديق، فيما توجه السائق نحوغرفة تبديل الملابس، في حين انسحب المقنع الى الممرالذي يصل منه الى غرفة الأولاد. وقد تنبَّه السائق لذلك، فتوجَّه فادي الهاشم مُسْتلا مسدسا حربيا نوع غلوك 17، نحو الممر ولدى وصوله الى مدخل الممرأطلق النار باتجاه المقنع الذي انتقل الى غرفة الجلوس الخاصة بالأولاد، ليُرْديه قتيلا._
وقد ضبط مع المقنع مسدس لون رمادي داكن قبضته سوداء، تبين لاحقا أنه بلاستيكي، لكن يصدر من فوهته شرارة نار._
التحقيقات الأولية والأستنطاقية والتكميلية:
فادي الهاشم:
وعرض القرار الاتهامي مراحل التحقيق، فأشارالى أن فادي الهاشم أفاد أمام فصيلة ذوق مصبح، أنه ما أن خلد هو وزوجته الى النوم وكانت الساعة حوالي الواحدة فجرا، حتى سمِع حركة داخل المنزل، ثم "حرتقة" جنزيرخفيفة الصوت، لافتا الى ان زوجته كانت تركت حقيبة يدها المزودة بجنزيرعلى الطاولة في الصالون الخاص، القريب من غرفة النوم، فسأل زوجته ما اذا كانت سمعت ما سمع، ولدى تأكيدها على ما سمعه، لا سيما أنهما سمعا الصوت مرة أخرى بعد برهة قصيرة، واعتقدا أن الصوت صادرعن الأولاد أو المربيات، همّ فادي الهاشم ليتوجه نحو غرف الأولاد والتأكد من مصدرالصوت، ألا أنه تفاجأ في الردهة بشخص مقنع متَّشح بالسواد، مرتديا قفازات، ويحمل مسدسا في يده، وأيضا حقيبة زوجته، حينها حمل فادي الهاشم الكرسي لقذفه به، فرفع المقنع مسدسه بوجه فادي طالبا منه وضع الكرسي جانبا والعودة الى غرفة النوم لأِحضار المال له. وبدخول فادي والمقنع الى غرفة النوم سأل عن نانسي فقال له فادي أنها ليست في الغرفة، وقد تكون في الطابق السفلي، فناداه المقنع " أستاذ فادي أحضر نانسي". وطلب المقنع المال، فرمى فادي الهاشم على الطاولة المال الموجود داخل سترته الموضوعة على الكنبة. ثم طلب المقنع ما لديهم من مجوهرات، فأجاب فادي أن لا مجوهرات لديهم، ألا ان المقنع أصرَّعلى مناداة نانسي وتابع "ما تخليني أئذيك وين الذهب؟" وأصر على أحضار نانسي. ثم سمع المقنع أبواق سيارات، فسأل فادي عنها، تلاها خطوات عمال فادي يصعدون الدرج، فكان أن شهرالمقنع مسدسه بوجه العمال، وتوجه نحو غرف نوم الأولاد، حينها دخل فادي الهاشم الى غرفة تبديل الملابس ، وأحضر مسدسه الحربي المرخص أصولا، ولحق بالمقنع خوفا من ان يُلْحِق المقنع الأذى بأولاده القاصرين، ليتفاجأ بالمقنع عائدا وشاهرا مسدسه بوجهه، بعدما وجد باب غرفة الأولاد مغلقا، فأُصيب فادي الهاشم بنوبة هلع جعلته يطلق النارعلى المقنع، فوقع الأخير أرضا، وحضراليه من كان في المنزل، وجرى الاتصال بالقوى الأمنية._
ونفى فادي الهاشم معرفته بالمقنع، واعتبرأن ما أقدم عليه كان دفاعاً عن النفس وعن أفراد عائلته. وأوضح في تحقيق موسع أمام مفرزة جونية القضائية أن زوجته دخلت الحمام وأقفلت بابه لدى سماعها ما يدور بين زوجها والمقنع، وطلبت المساعدة من والدها باتصال معه، حين كان المُقَنَّع موجِّها مسدسه نحوه في غرفة النوم، وأنه لم يعِ ما اذا كان يصيب المقنع، أو أن المقنع كان يبادله أطلاق النار بسبب صوت الرصاص، الذي أطلقه من مسدسه حتى فرغ الممشط منه. وهو توجه الى غرفة الملابس لتزويد مسدسه بممشط آخر تحسبا من وجود شركاء للمقنع في المنزل._
وأوضح فادي الهاشم أنه لم يعلم بأِصابته للمقنع لأن الأخيرظل واقفا على قدميه شاهرا مسدسه خلال اطلاقه للنار. وهولم يتوقف عن أطلاق النارعلى المقنع بسبب حال الخوف والأرتباك التي انتابه، الى أن فرغ ممشط المسدس من الرصاص، وهوى المقنع ممددا على الأرض، والمسافة بينهما كانت نحو مترين. وأكد فادي الهاشم أنه شغَّل جهازالأنذار قبل النوم، وأنه لا بد أن يكون المقنع دخل الى المنزل قبل تشغيله لجهاز الأنذار، مشددا على أنه مارس حق الدفاع عن نفسه وعن عائلته وممتلكاته، ولو أن المقنع فرَّ من وجهه، ولم يتوجه الى غرفة الأولاد، حاملا مسدسه ومعرضا حياة أولاده للخطر، لما كان لحق به وأطلق النار نحوه._
واستجوبت النيابة العامة الأستئنافية فادي الهاشم في مرحلة تحقيق ثالثة، فكررما أفاد به سابقا، وقال أنه وضع للمقنع وبناء لطلبه مبلغا من المال على الكرسي. وأن المقنع طلب منه وبأِصرار احضار زوجته مكررا طلبه خمس مرات، فتأكد أنه يريد أذيتها خصوصا بعدما تنبّه لوجودها في الحمام، وعند توجَّه المقنع نحوغرف نوم الأولاد، خرج فادي الهاشم من الباب المقابل، وقد أيقن أن المقنع سوف يستخدم أِحدى بناته ليضع المسدس في رأسها، حينها شعر بخطرأكبر، فوضع الموت له ولعائلته نصب عينيه، ولم يع تصرفه، وكانت ردة فعله التلقائية بعدما أطلق المقنع النار، الضغط على زند المسدس. وعند أفراغ الممشط راح يتلمس جسده ليتأكد أذا ما كان المقنع قد أصابه! وأوضح أنها كانت المرة الأولى التي يستخدم فيها مسدسه، وأن السائق وشقيقه هربا ولم يساعداه. وأن المقنع قصد سلب مجوهرات الألماس والذهب الخاصة بزوجته نانسي عجرم. وأنه أعلمه أن المجوهرات محفوظة في المصرف وعرض عليه مالا، أِلا أن المقنع أصر على أخذ المجوهرات وعلى أحضار زوجته. ورجَّح فادي الهاشم أن يكون المقنع دخل الى المنزل قافزا فوق المولد الموجود بجانب التصوينة موضحا أن لا مخرج من الممر المؤدي الى غرف نوم أولاده والذي دخل اليه المقنع، والمواجهة بينهما كان لا مفرّ منها، ولا بد أن يقتل أحدهما الآخر._
وجرى التحقيق مع فادي الهاشم مرة رابعة في مفرزة جونية القضائية، بعد طلب جهة المقنع المتوفي وهي الجهة المدعية التوسع بالتحقيق. فكرّرأفاداته السابقة، وأكّد أن المقنع كان بدوره مرتبكا بدليل أنه عند رمي المال له لم يتنبه لوجود قسم من المال مبعثراً، وبالتالي بقي مكانه. وشدّد فادي الهاشم على أنه سلم كل التسجيلات الموجودة في أجهزة المراقبة داخل وخارج المنزل، ما عدا الموجودة في غرفة الملابس كونها غرفة خاصة بزوجته، والمقنَّع لم يلبث فيها ألا لثوان، وِفْقَ ما ظهر في التسجيلات الأخرى التي بيَّنت حقيبة نانسي في يد المقنع عند شهره السلاح بوجه فادي الهاشم. وكرَّرمشددا على أنه لا يعرف المقنع ولا عماله يعرفوه._
أما أفادة المدعى عليه فادي الهاشم أمام قاضي التحقيق في بعبدا - جبل لبنان، فقد أكدت بعد تكرارأقواله أنه لا هو ولا زوجته تلقَّيا أي اتصال مشبوه قبل الحادثة، وان الموظفات لديه في العيادة هن من تتلقى الأتصالات. أما بعد حصول الحادثة في منزله فقد أزال أرقام هاتفه عن صفحة حسابه في محرك أنستغرام لتلقيه تهديدات. وبعد الأفادة عن كلٍ من العمال لديه، وعن تقسيم المنزل الموجود تسجيله على محرك غوغل، قال أن شقيقه وعائلته كانوا في منزله، وبعد مغادرتهم جلس ونانسي لثلث ساعة في الصالون القريب من غرفة النوم، ثم شغَّل جهاز الانذار. وأشار الى ان المنزل يقع في محلة محايدة وهو بعيد عن المنازل، والردهة تفصل بين غرفة النوم والصالون الخاص من جهة، كما تفصل بين الممرالمؤدي الى غرف نوم الأولاد، وحين عرض فادي الهاشم على أعطاء المقنع المال وفَتْح الخزنة أمامه، لم تكن هناك أنارة في الغرفة. وبعدما سمع المقنع صوت زوجته في الحمام طلب أن تحضر اليه. ففتحت نانسي عجرم باب الحمام ثم أغلقته بسرعة. حينها توجَّه المُقَنَّع الى غرف نوم الاولاد، فيما لحِق به فادي الهاشم من دون وعي، ووجده عند مدخل غرفة الجلوس الملاصق للردهة، الخاصة بغرف الأولاد وكان في يده المسدس، فانخفض فادي الهاشم وهو داخل الى الممر، وأطلق النارعلى المقنع الذي لم يشاهده كاملا، لأن المقنع كان داخل غرفة الجلوس، معتقدا أن الأخيركان يطلق النار باتجاهه، وبعد أن فرغ الممشط من الرصاص، شاهد فادي الهاشم المقنع مرميا على الارض. وأضاف ان المربيات لم يسمحن للأولاد ترك الأسرة عند سماع الرصاص. وأنه عند دخول العمال الى المنزل انطلقت صفارة الأنذار مرتين._
وكرر فادي الهاشم امام الهيئة الأتهامية أفاداته السابقة، مشددا بأن الأنارة في المكان كانت خافته، والأضاءة في ممرغرف الاولاد تعمل على الحركة، وان لون المسدس الفضي الذي كان المقنع يحمله لفته، وهو كان يريد تهديد المقنع بمسدسه كي لا يصيب أيا من بناته بمكروه. لكن الخوف تملكه عندما لم يجد المقنع في الممر فتوجه لتفقد بناته، الا ان المقنع فاجأه من غرفة الجلوس الخاصة بالأولاد شاهرا مسدسه باتجاهه، ولاحظ خروج شرارة تلمع في وجهه من دون ان يستطيع تحديد مصدرهذه الشرارة، ما دفعه الى اطلاق النارتحت تأثيرالخوف والأرباك، مطلقا 18 رصاصة. وقال فادي الهاشم بأنه لاحظ وجود أثار لحريق فوق عين المقنع يعتقد بأنه نتج عن الشرارة، التي قد تكون صدرت عن المسدس غير الحقيقي الذي كان يحمله المقنع، وقد ثبُت وجود الحرق في التقرير الطبي من الطبيب الشرعي. وانه بدخول المقنع الى غرفة الجلوس أضيئت الغرفة وظلت مضاءة الى حين دخوله هو._
وأوضح الهاشم بأنه ظن بوجود شريك للمقنع ولم تكن نيته انهاء حياة المقنع. وأضاف أنه من السهل التسلق عبر جدارالمنزل كون ارتفاعه لا يتجاوز المترين والربع، لكنه ينخفض في جهة من الجهات لكون المنزل يقع على موقع مرتفع نسبيا، واوضح ان اجهزة المراقبة ترتبط بثلاثة أجهزة تسجيل "دي.في.آر" وكل جهاز يغطي تسجيل 16 كاميرا. وأن المدخل الرئيسي للمنزل والآخر العائد للحديقة يفتحان برقم سري وليس بالمفاتيح يعرفه وزوجته والسائق والحارس والمربيات . أما الأبواب الزجاجية للشرفات فأنها غير مجهزة بحساسات مرتبطة بجهاز الأنذار، الذي يغطي فقط الحدود الخارجية للمنزل._
ويضيف فادي الهاشم بأن التحقيق أظهرمن خلال دراسة الحركة الجغرافية لهاتف المقنع النقال، أن المقنع حضرالى محيط منزل فادي الهاشم يوم 12/12/2019 اي قبل الحادثة ب3 اسابيع. ويُرجح اختياره لمنزله كون زوجته نانسي عجرم فنانة. وكان المقنع يجري بحثا عبر الشبكة العنكبوتية وموقع غوغل عن منازل الفنانات كنجوى كرم وهيفاء وهبي وميريام كلينك بواسطة هاتف زوجته، كما تبين أن زوجة المقنع بحثت عن منزل نانسي عجرم عبرالشبكة العنكبوتية، وهي شريكة في عملية السرقة. وأضاف فادي الهاشم انه لم يلاحظ عند حصول المواجهة ووقوع المقنع على الارض، ان غرفة الجلوس كانت مظلمة والنورمن الردهة لم ينعكس الى داخلها، ولم يتمكن من رؤيته على اعتبار ان من يقف في مكان النور، لا يستطيع رؤية من يقف مقابله في غرفة مظلمة، وأنه لا يوجد أي منفذ في مكان وقوع الحادثة يمكن الهروب منه، موضحا انه لم يكن امامه اي طريقة اخرى لتفادي وقوع الحادث._
نانسي عجرم:
وأفادت نانسي عجرم زوجة فادي الهاشم أن سماع حركة داخل المنزل استدعت زوجها لتفقد الاولاد، وعندما سمعت شخصا يطلب من زوجها وضع الكرسي جانبا ادركت وجود لص في المنزل، فأخذت هاتفها وتوجهت الى الحمام واتصلت بوالدها وبالناطور طالبة المساعدة، وسمعت الشخص يسأل زوجها عنها وعن المجوهرات، وبعد دقائق سمعت صوت الرصاص، ثم شاهدت المقنع في الغرفة المقابلة لغرف الاولاد، نافية رؤيته من قبل._
وأوضحت أن لا كاميرا في غرفة النوم، لكن توجد كاميرا في غرفة التزيين الخاصة بها، لأن مقتنياتها الثمينة الخاصة بها موضوعة في تلك الغرفة. وجزمت نانسي بعدم معرفتها بالمقنع. وان لا جهاز مراقبة في غرفة الجلوس التي للأولاد، ولا في غرف النوم._
طلبات الخصوم:
واستجوبت الهيئة الاتهامية في قرارها الاتهامي العاملين في المنزل، وزوجة المقنع، والمساعدين في عيادة فادي الهاشم، بعد عرض افاداتهم السابقة التي أدلوا بها لدى المراجع ذاتها التي حققت مع فادي الهاشم. ثم عرضت مجمل التحقيقات والتقاريرالطبية الشرعية وتقاريرالادلة والمباحث الجنائية والدراسة الفنية لأرقام الهواتف والأدلة المستقاة.
ثم انتقلت الهيئة الى عرض ملخص طلبات كل من الجهتين، المدعي والمدعى عليه، فذكرت أن ورثة المتوفي يطلبون ادانة فادي الهاشم بجناية المادة 547/228 فقرة اولى، لعدم توفر شروط الدفاع المشروع ولا الافراط في ممارسته تحت ثورة انفعال شديد، لأن المقنع لم يدخل غرفة الاولاد، أنما غرفة الجلوس، وكان بأمكان فادي الهاشم اقفال الباب عليه، والاتصال بالشرطة والعاملين لديه. وأن واقعة تلقي المقنع لطلقات نارية في ظهره يؤكد انه كان في حالة هرب، ولم يبادرالمقنع المتوفي الى اطلاق النار، ما ينفي وجود خطر على حياة فادي الهاشم، وعدم التوازن بين ماهية الخطرمن جهة، وقوة وعنف ردّ فعل المدافع من جهة أخرى. فيما ان فادي الهاشم طلب منع المحاكمة عنه واعتبار فعله من قبيل الدفاع المشروع تبعا لتوفر أحد شروط حالات الدفاع عن النفس الذي يشكل سببا من اسباب التبرير._
كيف وصلت الهيئة الأتهامية الى قرار منع المحاكمة بعدما أدين المعتدى عليه امام قاضي التحقيق بجريمة قتل؟
رأت الهيئة الاتهامية بأن المسائل القانونية المطروحة في القضية تتمحور حول ما اذا كان الفعل المنسوب الى فادي الهاشم على النحو المبين في الوقائع والتحقيقات يشكل بحد ذاته قتلا مقصودا، أو هو دفاع عن النفس، او أِفراط في هذا الدفاع نتيجة ثورة انفعال شديد، أفقده وعيه وأِرادته بشكل لم يعد قادرا على أدراك تصرفه؟!
واستهلت تحليلها القانوني مستندة الى المادة 130 من قانون اصول المحاكمات الجزائية، لجهة النظر في الدعوى، وأِصدار قرار أِتهامي اما بالأدانة او بمنع المحاكمة، مستعينة باجتهادات سابقة في مفاصل قانونية شبيهة._
وقالت الهيئة أِن أَهم اسباب التبرير التي خصها المشترع الجزائي بمادة قانونية في قانون العقوبات، هي حالة الدفاع المشروع عن النفس، المنصوص عنه في المادة 184 منه، والهيئة الأِتهامية بالتالي تُفنِّد بعض مباديء تلك المادة تبعا لأثارتها في القضية._
* تنص المادة 184 من قانون العقوبات على أنه "يُعَدُّ ممارسة حق، كلُّ فعلٍ قضت به ضرورة حالية، لدفعٍ غيرمحق ولا مُثارعلى النفس أوالمُلْك أو نفس الغير أو مُلْكِه. ويتساوى في الحماية الشخص الطبيعي والشخص المعنوي، أذا وقع تجاوز في الدفاع أمكن أِعفاء فاعل الجريمة من العقوبة في الشروط المذكورة في المادة 228" من قانون العقوبات (ق.ع)._
* أِن الفقرة الثانية من المادة 228 من ق.ع، تنص على انه "اذا أفرط فاعل الجريمة في ممارسة حق الدفاع المشروع لا يُعاقَب أِذا أقدم على الفعل في ثورة انفعال شديد انعدمت معها قوة وعيه أو أِرادته"._
وبالتالي فأِن المادة 184 من قانون العقوبات، تؤكد على أن الدفاع المشروع هو حق كرَّسه القانون، يسمح باستعمال القوة اللازمة لصدِّ تعرُّضٍ وشيك وداهم، وحال غيرمحق ولا مُثار ٌعلى النفس والمُلك يهدد حقا يحميه القانون. بمعنى آخر، هو حق موضوعي مقرر للأفراد يُبيح اقتراف الجريمة استثناءً من الأصل العام الذي يمنعها، وذلك لدرء الأخطار التي تهددهم في وقت يتعذّرُ فيه طلب الحماية من السلطات العامة، وتغليباً لمصلحة المُعتدى عليه على مصلحة المعتدي، الذي أهدرحماية القانون له بخروجه على قواعده. استنادا الى التوضيح هذا، فلِكَيْ يكون الخطر حالاً، ينبغي أن يكون وشيكاً وداهماً ومستمرا، بمعنى أن يكون الأِعتداء لم يبدأ بعد، ولكنه على وشك أن يبدأ (الخطر الوشيك)! أو أن يكون قد بدأ فعلا ولكنه لم ينته بعد (الخطر المستمر). ولكي يكون فعل الدفاع مُبَرَّراً يلزم أن تكون أمْلتْه ضرورة حالّة، تجعل لا مفرّ من اتقاء خطر الأعتداء سوى استعمال الوسيلة المتوفرة لردِّه، لأن الضرر الذي سيقع هوعلى قدْرٍ من الأهمية توجب اتقاؤه.( الوسيط في شرح قانون العقوبات القسم العام ص.433، للدكتور سمير عاليه. والموسوعة العربية في الأصول الجزائية للقاضي محمد صعب..)._
وحيث ان الدفاع المشروع يعطي الحق للمعتدى عليه بأن يقتل أذا كان القتل لازماً وضرورياً لأِنقاذ حياته أو حياة غيره، وأِلا كان أحدهما المقتول، ويعطيه الحق في أن يضرب أِذا كان الضرب لازماً للدفاع عنه، وأِلا كان هو المضروب، على أن توافر حق الدفاع المشروع يتطلب شروطا محددة، تتمثل بوجود سلوك من المعتدي في صورة تعرُّض حال غير محق، وغير مُثار على النفس أو المال، وسلوك من جانب المدافع يتمثل في فعل الدفاع وتَنَاسُبِه مع الأِعتداء. وأِن عِبء الأِثبات يقع على من يُدلي أنه كان في حالة الدفاع المشروع. هذا في الأصل._
أِلا أن المشترع تجاوز هذا الأمر، وأعفى من شرط التناسب والأِثبات عبر وضع قرينة على توفرحال الدفاع المشروع الخاص بجُرْميْ السرقة والنهب المصحوبين بالعنف والدخول ليلا الى الأماكن المأهولة بطرق غير مألوفة مثل التسلق أو الكسر والخلع. وهي حالات مشابهة لتلك المنصوص عنها في المادة 639 من قانون العقوبات. وأباح المشترع للمُعتدى عليه استعمال حقه في الدفاع ولو بالقتل في صورتين خاصتين أوردهما في المادة 563 من قانون العقوبات، وهي تنص على بعض الأفعال الناتجة عن حق الدفاع عن النفس:
* فعل من يدافع عن نفسه، أو عن أمواله، أوعن نفس الغير، أو عن أمواله، تجاه من يقدم باستعمال العنف على السرقة أو النهب.
* الفعل المقترف عند دفع شخص دخل أو حاول الدخول ليلا الى منزل آهل أو الى ملحقاته الملاصقة بتسلق السياجات او الجدران او المداخل او ثقبها او كسرها او باستعمال مفاتيح مقلدة او أدوات خاصة..!
ورأت الهيئة الأتهامية في نص المادة 563 من قانون العقوبات المذكورة، وفق ما أراده المشرع منها، افتراض قرينة على ان المعتدي كان يقصد ارتكاب جريمة على النفس أو المُلك، لذا يُعفى المعتدى عليه من أِثبات توافر شروط الدفاع المشروع، ولا يُطلب منه سوى أِثبات أندراج فعله تحت أِحدى الصورتين المنصوص عنها بالمادة 563 من قانون العقوبات. وهذا يعني بعبارة قانونية أخرى أنه يفترض على ان المعتدى عليه في هذين الصورتين كان مهددا بخطرِ حالٍ غيرَ مُحِق، وأن دفاعه كان في أطار قيود الحق من حيث لزومه وتناسبه مع هذا الخطر. وقد استقى المشترع اللبناني أحكام هذه المادة 563 ق.ع. من نص المادة 329 من قانون العقوبات الفرنسي القديم، مع الأشارة الى ان الفقه الفرنسي الحديث استقرعلى ان المشرع اراد في هذا النص وضع قرينة لمصلحة من يوجد في هاتين الحالتين على توافر شروط الدفاع المشروع، وقد حذا حذوه المشرِّع اللبناني. (مراجعة المادة 122 – 6 من قانون العقوبات الفرنسي الجديد)._
وحيث ان المشرع اللبناني أورد هذا الدفاع الخاص تحت عنوان العُذر في القتل والأيذاء، ويُستخلص منه أِجازة ردّ الخطر في الصورتين المحددتين في المادة 563 المذكورة، عن طريق القتل أو الأيذاء المقصود، ويستفيد المعتدى عليه أو المدافع عن نفسه من قرينة توافر شروط الدفاع المشروط في الحالتين التاليتين:_
* السرقة والنهب المصحوبان بالعنف. كأن يفاجيء المعتدي السارق، المعتدى عليه، وبيده مسدس يهدده، فيُعتبر المعتدى عليه حكما في حال الدفاع المشروع عن النفس وعليه فقط أن يُثبِت أنه دُوهِم من قبل رجل مسلح بنية السرقة.
* الدخول ليلا الى الأماكن المأهولة بالتسلق او بواسطة الكسر. فأِذا أقدم المعتدى عليه على دفع شخص دخل او حاول الدخول الى منزل أهِلٍ أو أِلى ملحقاته الملاصقة بتسلق السياج او الجدران، او المداخل او ثقبها او كسرها، أو باستعمال مفاتيح مقلدة او ادوات خاصة، فأذا أقدم المعتدى عليه على استعمال الوسائل الممكنة والمتاحة لدفع هذا الاعتداء، يُعتبر في حال الدفاع عن النفس المشروع بمجرد حصول هذه الافعال في هذا الظرف، ولا يُطلب منه التأكد من خلوّ يد المعتدي من السلاح ليقررالوسيلة التي سيدافع بها عن نفسه، لا سيما وأن الأعمال المذكورة والمُمَهِّدة هي قرينة على أنه باشر في تنفيذها بواسطة العنف. وعلَّة النص المذكور أن قاطن المنزل يبقى على حق عندما يعتقد ان من يدخل الى منزله ليلا في هذه الظروف غير الأعتيادية وبطرق غير مألوفة، أنما يريد به شراً غيرمعروف مداه ! لذا يكون دفاعه مبررا حتى لو لجأ الى القتل._
ويتفق الفقه والأجتهاد على ان المشرع أراد من خلال النص على صورتي الدفاع الخاص عن النفس، افتراض قرينة على ان المعتدي كان يقصد ارتكاب جريمة على النفس أو المال. ومفعول هذه القرينة أنه يكفي للمعتدى عليه أن يُثْبِت حصول الأعتداء في الظروف المذكورة، ليستفيد من سببِ تبريرٍمَعْفِيٍ من العقاب والمسؤولية، دون أن يترتب عليه أثبات وقائع أخرى تبرر الدفاع عن النفس المشروع، لا سيما وان المادة 563 ق.ع. وردت تحت عنوان العذر في القتل والأيذاء، ما يُستخلَص منه جواز دفع الخطر في الحالتين عن طريق القتل المقصود، وعندئذ لا يقع على عاتق المعتدى عليه ، أِثبات أن قتل المعتدي كان متناسبا مع الخطر الذي يهدده بل يَفترِض ذلك.( مراجعة الوسيط في شرح ق.ع. ص.452، د.عاليه/ القانون الجنائي العام، مصطفى العوجي، الجزء 2، مؤسسة نوفل، الطبعة الأولى 1985، ص.82)._
وحيث وعلى هَدْي ما تقدم وبعدما تمعنت المحكمة ملياً بوقائع الدعوى الثابتة والأدلة المؤيدة لها، من تقارير طبية شرعية وتقاريرمباحث وأدلة جنائية ودراسة فنية لحركة الأتصالات الهاتفية ومواقعها الجغرافية وتسجيلات أجهزة المراقبة وافادات الشهود والمستندات كافة، والتي لم ينهض من مجمل المعطيات المتوافرة في الملف، والتحقيقات المُجراة، ما يدحضها أو يناقضها، لا سيما لجهة وجود أي دليل يثبت تواصل او معرفة سابقة بالمتوفي المعتدي، خلُصت الى قناعة تفيد ان المعتدي – المقنع، خطط بروية وهدوء لتنفيذ عملية السرقة في منزل المعتدى عليه، وتأيَّدت القناعة بالمعطيات التالية:_
1 - أن المقنع خطط منذ بداية العام 2019 لارتكاب أفعال سرقة تطال فنانين ومشاهير، وكان عاطلا عن العمل يستدين المال لتأمين حاجات عائلته. وتحرّى من خلال الشبكة العنكبوتية عن الفنانين ومظاهر ثروتهم، ومن خلال صفحات التواصل الأجتماعي، وذلك بواسطة هاتف زوجته. وتبين أنه تحرى عن الفنانات نجوى كرم، هيفاء وهبي، ونانسي عجرم. وركَّزالمعتدي على تفاصيل حياة الفنانة نانسي عجرم، مكان سكنها، وانشغالاتها، وعيادة زوجها الطبيب المعتدى عليه فادي الهاشم، وحياتها الاجتماعية، وبيتها الفخم،... ثم متابعة زوجة المعتدي لتفاصيل المواجهة الحاصلة بين فادي الهاشم والمقنع السارق..!
2 - أجرى المقنع بعد البحث ثلاثة اتصالات بعيادة المعتدى عليه، بذريعة تحديد موعد، لكنه لم يحضر الى الموعد._
3 - قصد المقنع المعتدي محيط منزل المعتدى عليه في سهيلة يوم 12/12/2019 بقصد استكشاف المنطقة تمهيدا للعودة اليها بتاريخ لاحق._
4 - لم تكن تصرفات المعتدي عادية قبل وقوع الحادثة، بحسب افادة زوجته، كان يترك منزله صباحا ولا يعود اليه قبل منتصف الليل او فجرا من دون ان يعلمها عن تحركه وعن كيفية تأمينه للمال. وكان يخرج من المنزل خلال الاسبوع الاخير لتأمين المال للعائلة ويعود خالي اليدين، اضافة الى واقعة شرائه لمسدس "لعبة" يشبه الى حد كبيرالمسدس الحقيقي، ومزود بولاعة وتخرج نار من فوهته._
5 - ليلة حصول الحادث غادر المعتدي منزله عند التاسعة مساء بذريعة احضار مستحقات مالية له بذمة احد الأشخاص، ألا أنه عاد بعد 5 دقائق مسرعاً، وأخذ المسدس المذكور بعدما اعلم زوجته انه نسيه وسوف يعطيه لصديقه الذي كان بانتظاره._
6 - توجه المعتدي الى منطقة سهيلة وكان امام منزل المعتدى عليه في التاسعة و47 دقيقة، وبقي يتجول في الشارع حتى العاشرة و9 دقائق مساء حين اقترب من المدخل الخارجي وعاين المكان._
7 - تسلق المعتدي في العاشرة ليلا و16 دقيقة سورالمنزل الخارجي ودخل حديقته وعلى خاصرته المسدس واداة حادة تبين انها ازميل، وعند الحادية عشرة و29 دقيقة ظهر مقنعا على شرفة المنزل حيث مكث الى حين خروج الضيوف عند الواحدة و31 دقيقة ليلا، ثم دخل الى غرفة الجلوس في الطابق الأرضي، حيث ظهر يضع قناعا على وجهه وقبعة السترة على رأسه، ويرتدي قفازات سوداء بيديه. ثم صعد المقتحم الى الطابق العلوي للمنزل، ودخل الى غرفة تبديل الملابس، ثم خرج منها واضعا على كتفه حقيبة تعود لنانسي عجرم، وهو ما يدحض ما أُثير لجهة حصول فعل القتل خارج اطار المنزل._
8 - شهر المعتدي بوجه فادي الهاشم مسدسه عندما التقى به في الردهة عند الساعة الواحدة و38 دقيقة، وهو المكان الذي يربط بين غرفة النوم الرئيسية والممر المؤدي الى غرف نوم الاولاد، فحمل فادي الهاشم كرسياً كان في المكان للأحتماء به._
9 - شهر المعتدي مسدسه عند الواحدة و43 دقيقة ليلا بوجه العمال الثلاثة الذين استنجدت نانسي عجرم بهم، لكنهم ولّوا هربا باتجاهات مختلفة. وتوجه بعدها المعتدي نحو غرف الاولاد فلحق به فادي الهاشم واطلق النارعليه حتى ارداه قتيلا في مكان يقع قبل هذه الغرف، وهو ما يدحض مسألة حصول عراك بين المعتدي وأي من فادي الهاشم او العمال لديه. وقد ثبُت من تقارير الطب الشرعي خلوّ جثة المعتدي من أي أثر لرضوض أو خدوش او جروح ناتجة عن تضارب بالأيدي أو عن شجار._
10 - ضُبِط مع المعتدي المبلغ المالي الذي سلمه فادي الهاشم له بناء لطلبه، كما ضبطت ملابسه والقناع والقفازات والمسدس المشابه للحقيقي والمزود بولاعة وفوهة تُخْرِج نارا، أضافة الى أزميل حديدي، ما يدحض المزاعم القائلة بأنه حضرالى المنزل للمطالبة بمبالغ مالية له بذمة المعتدى عليه فادي الهاشم._
11 - ان الادلة ومكتب المختبرات الجنائية اكدت صحة الطلقات المطلقة والمضبوطة، وتطابُق البصمة الوراثية لعيِّنة الدماء المأخوذة من جثة المتوفي، وتطابُق الأنماط الجينية المؤلِّفة للبصمة الوراثية مع الأثارالمرفوعة من مكان الحادثة، وهو ما يدحض ما أثير من أن فعل القتل حصل خارج أطار المنزل._
12 – وبناء لمجمل ما ذُكرمن تحقيقات واثباتات لا سيما الوقائع المُثْبَتَة بتسجيلات أجهزة المراقبة المضبوطة داخل وخارج منزل فادي الهاشم، ثبُت للمحكمة - الهيئة الأتهامية، بأن المقنع السارق دخل ليلا بطريقة غيرمألوفة، عن طريق تسلُّق السورالخارجي للمنزل، وهو يضع قبعة على رأسه، ويرتدي قفازات سوداء، وبحوزته سلاح، بصرف النظرعما اذا كان حربيا او غير حقيقي، طالما يبدو ظاهريا انه حقيقي للتشابه الكبيرمن حيث الشكل والحجم واللون مع المسدس الحقيقي، فلونه فولاذي وقبضته سوداء، وطوله حوالي 22 سنتم وعرضه حوالي 15 سنتم، ومزود بولاعة ويخرج من فوهته نار، وكذلك عن أمر استخدامه، ما حمل المعتدى عليه على الاعتقاد بأنه سلاح حقيقي، أِذ بثَّ الذعر في نفسه، وفي نفس العمال الثلاثة الذين حضروا لنجدة فادي الهاشم، ودفعهم الى الفرار باتجاهات مختلفة بعدما شهر المتوفي السارق المسدس بوجههم، فحقق بذلك الغاية التي رمى اليها من خلال حمله للمسدس، علما ان الخطر الوهمي يتعادل من ناحية أثره مع الخطر الحقيقي عند توفر بواعث مشروعة وجدية حملت المعتدى عليه على الاعتقاد بقيام خطر داهم يهدده خاصة وانه كان في وضع نفسي ومادي لم يتمكن معه من التمييز بين الحقيقة والوهم، كما في ظروف القضية الراهنة، حيث اقدم المعتدي وبعد الدخول الى منزل المعتدى عليه، بطريقة غير مألوفة في الظرف والشكل والطريقة المشار اليها آنفا، على سرقة حقيبة نانسي عجرم الهاشم، ومن ثم شهر مسدسه بوجهه وهدده به طالبا منه رمي الكرسي جانبا والتراجع الى الخلف باتجاه غرفة النوم واحضار ما لديه من اموال، فامتثل فادي الهاشم لطلب السارق وسلمه مبلغا من المال كان في سترته، ثم طلب المعتدي السارق من المعتدى عليه فادي الهاشم أحضار ما لديه من مجوهرات، وايضا زوجته الفنانة نانسي عجرم، وألِا أِلحاق الأذى به، كما والطلب منها الخروج من الحمام حيث اختبأت. غير ان نانسي عجرم رفضت الخروج بعدما كانت اتصلت طالبة النجدة من والدها ومن العمال لديهم. والشبان الثلاثة الذي حضروا للنجدة فروا بعدما شهرالمعتدي المتوفي سلاحه بوجههم. واستغل فادي الهاشم انشغال المعتدي بالعمال فأسرع الى غرفة النوم حيث احضر مسدسه الحربي ولحق بالمعتدي الذي توجه نحو غرف بنات فادي الهاشم، فتعثَّر عند مدخل الممر المؤدي الى غرف البنات، حيث ورداً على شرارات النار الصادرة من مسدس المعتدي، بدأ فادي الهاشم بأطلاق النارالذي استمر لخمس ثوان بشكل عشوائي، الأمر المُستفاد من استقرار بعض الطلقات في ماديات الغرف، ولم يتوقف فادي الهاشم حتى فرغ ممشط مسدسه من الرصاصات، وكانت الغرفة حيث كان المقنع مظلمة، ولا منفذ لها سوى غرف نوم الاولاد، ولأن فادي الهاشم كان خائفا عليهن وتحت تأثير صدمة عصبية حادة أفقدته الوعي وقدرته على التركيز، اصاب المقنع ب14 طلقة وأرداه قتيلا. (مراجعة القرار 37/1999 غرفة محكمة التمييز السادسة، والقرار رقم 137/1996 / صفحة 442 طبعة اولى 1985 من القانون الجزائي العام لمصطفى العوجي/ القرار 21/1996 الغرفة 7 تمييز جزائي صفحة 32 كساندر الجزء الثاني/ قرار 111/1980 صفحة 257 جزء 1 و 2 من مجلة العدل 1973 جنايات جبل لبنان )._
13- وحيث ان دخول المعتدي المقنع المتوفي، بالشكل الذي ذُكِر آنفا، وفي ذات الظروف والطريقة المنصوص عنها في المادة 563 من قانون العقوبات، أنما يشكل تهديدا غير مُحِق على نفسِ ومال المعتدى عليه وعلى عائلته، وخطرا داهما وحالاًّ، بدأ فور دخول المعتدي الى المنزل، وتهديده لفادي الهاشم وطلبه المال منه، بل وأصراره على الرغم من حصوله عليه، على احضار مجوهرات الذهب والألماس، وكذلك أحضار زوجته، وهي فنانة معروفة._
وايضا تهديد العمال بالقتل، وهو ما حملهم على الفرار بعدما حضروا لنجدة العائلة، ولم يكونوا مسلحين، ومن ثم توجه المعتدي المقنع الى غرف البنات، وقد أسرع فادي الهاشم اللحاق بالمعتدي لحماية بناته حيث المواجهة جرت في غرفة قريبة. ولم يثبت ان هذا الاعتداء كان مثارا من المعتدى عليه، كما لم يصدرعنه اي فعل او سلوك استثارالمعتدي او استفزه، خصوصا انه أخرج ما في حوزته من مال وسلمه للمقنع، ولم يكن مسلحا في حينه، وبالتالي يكون المقنع المعتدي هدّد سلامة العائلة كلها واستهدف حقا يحميه القانون._
فيكون فعل المدعى عليه - المعتدى عليه فادي الهاشم، وفي الظروف التي حصلت الحادثة فيها، وعدم توفر وسيلة اخرى متاحة او ممكنة لدرء هذه الحادثة خاصة في ظل استمرار الخطر وأصرار المعتدي على تنفيذ جريمته، والطلب من فادي الهاشم تنفيذ طلباته، وتهديد كل من واجهه بالسلاح الذي يحمل، وانتقاله من غرفة الى اخرى في المنزل، وتحديدا حيث غرف النوم، وتوجهه الى غرف الاولاد حيث استقر في غرفة الجلوس الخالية من اي منفذ سوى الدخول الى غرف البنات._
وبالنظر الى الوضع النفسي الذي عاشه رب المنزل فادي الهاشم، وخوفه على عائلته، والمواجهة بين المقنع وفادي الهاشم على مسافة قريبة، اضافة الى الظلمة التي سادت غرفة الجلوس، واتشاح السارق بالسواد، صعَّب أمرتحديد الخطر، فضلا عن الحالة النفسية العصبية التي دفعت فادي الهاشم الى اطلاق النارعشوائيا، ما يستجمع شروط حق الدفاع عن النفس المنصوص عتها في المادة 184من قانون العقوبات اللبناني، ومنطبقا بالتحديد على الحالتين الأولى والثانية لقرينة الدفاع عن النفس المشروع الخاص، التي لا تفرض اساسا وجوب التناسب، والمنصوص عنها في المادة 563 من قانون العقوبات، وبالتالي مبررا أملته ضرورة حالة جعلت لا مفر لاتقاء خطر الأعتداء المستمر سوى استعمال الوسيلة المشار اليها لردّه، ما يقتضي وفي ضوء توفر سببَ تبريرٍ طال الركن القانوني للجريمة والصفة الجرمية للفعل فأخرجه من نطاق نص التجريمبعد ان أضفى عليه طابع المشروعية. وطالما انه لم يثبت في الملف اي معطيات او ادلة من شأنها ان تهدم هذه القرينة التي يستفيد منها المعتدى عليه، منع المحاكمة عنه بما اسند اليه بجناية المادة 547 من قانون العقوبات._
قرار محكمة التمييز الجزائية:
اما محكمة التمييزالجزائية الغرفة الثالثة، فقد قبِلت نقض قرارالهيئة الاتهامية في الشكل، لكنها وافقت على نتيجته، وأبرمت القرارالمطعون فيه بمنع المحاكمة عن فادي الهاشم. فكيف توصَّلت محكمة التمييز الجزائية الى ما توصلت اليه الهيئة الاتهامية، لا سيما أن الجهة المدعية أثارت اسبابا تتعلق بمخالفة القانون والخطأ في تفسيره وتطبيقه، وتشويه الوقائع، وبوجود نقص في التعليل!
لقد ناقشت محكمة التمييزالأختلاف في الوصف القانوني بين قرار قاضي التحقيق الأول في بعبدا الصادر في 24 تشرين الثاني 2020، الذي انتهى الى الظن بفادي الهاشم واعتبار فعله من نوع الجناية المنصوص عنها في المادة 547 ق.ع. معطوفة على المادة 228 الفقرة الثانية منها، وبين قرارالهيئة الاتهامية التي خلصت الى منع المحاكمة عن فادي الهاشم بما اسند اليه، لوجود سبب التبرير المنصوص عليه في المادة 184عقوبات معطوفة على المادة 563 من القانون عينه._
ورأت المحكمة ان الدفاع عن النفس المشروع المنصوص عليه في المادة 184 عقوبات يدخل ضمن اسباب التبرير، التي من شأنها نزع الصفة الجرمية عن الفعل، التي أدخلها المشرع اللبناني، ضمن الفصل المتعلق بعنصر الجريمة القانوني، تحت عنوان "في الوصف القانوني"، ما يجعل "اسباب التبرير" مرتبطة بعنصر الجريمة القانوني، وبالتالي بالوصف القانوني للفعل._
وتأسيساً على ما تقدم بيانه، يكون الأختلاف في الوصف القانوني متحققا، ما يوفرالشرط الشكلي الخاص، المنصوص عليه في المادة 306 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، فيُقبل طلب النقض شكلا._
اما في الأساس وفي أسباب التمييز مجتمعة، فقد طعنت الجهة الُمُمَيِّزة بقرار الهيئة الأتهامية من خلال ثلاثة أسباب، مخالفة القانون والخطأ في تفسيره لمخالفة المواد 184 و 547 و 563 من قانون العقوبات. وتشويه الوقائع والمضمون الواضح للمستندات المبرزة في الملف، وفقدان الاساس القانوني او النقص في التعليل. _
وتلخيصا للتمييز وأسبابه، فقد أوضحت الجهة المميِّزة ان الدفاع عن النفس مشروط بأمورعدة مجتمعة، وفي حال المغدور، فأِن الدفاع عن النفس غير متناسب مع الخطر، أِذ لم يشهرالمغدورالسلاح بوجه المميَّز ضده أي فادي الهاشم، الذي بادر الى اطلاق النار أثناء فرارالمغدورمن المنزل، الذي لم يكن يحمل معه اي اغراض او اموال ولم يكن قد أذى أحداً. وشرط الأنفعال غير متوفر لأن المميَّز بوجهه وكما صرح في مقابلاته التلفزيونية كان هادئا وغير منفعل_
وناقشت الجهة المُميِّزة مسألة تشويه الوقائع مستندةً الى مضمون تقريرالأدلة الجنائية الذي أفاد بأن عدد الرصاصات المُستَخدَمة من مسدس المميَّز ضده، وأثار الرصاصات ال19 الفارغة ومقاذيفها، صدرت من مسدس واحد، لكن من دون ان توضح الأدلة الجنائية في تقريرها سبب عدم مطابقة اخاديد الرصاصات لبعضها، وعدم مطابقة عدد الخراطيش مع سعة ممشط المسدس المستخدم من المميز ضده.
أما السبب الثالث الذي أثارته الجهة المميِّزة، بأن الهيئة الاتهامية لم تعلل الأدلة التي تعطي المميَّز ضده الحق في فِعل ما فَعل، متذرعةً بأن المغدور كان يحاول الفرار من المنزل بدليل اصابته بأربعِ رصاصات من الخلف، من دون ان يكون قد اخذ شيئا من المنزل، او تعرض لأحد، وان نيَّته لم تكن القتل مع حمله لمسدس بلاستيكي!_
أما المحكمة الجزائية التمييزية وهي المرحلة الأخيرة والحاسمة من المقاضاة، فقد رأت في قرارها الصادر يوم 26 أيلول 2023، رداً على ما جاء في استدعاء التمييز، بأن الهيئة الأتهامية استثبتت من التحقيق والأدلة بأن المقنع عاين المكان وخطّط وأعدَّ العِدة، وتسلّق ليلا من السورالى منزل المميَّز ضده وهو مقنع، وبحوزته سلاح وفق تسجيلات المراقبة ووقائع الحادثة، وهرب العمال الذين حضروا للنجدة، لدى تهديدهم بالمسدس الشِّبه حقيقي ولو بلاستيكي، بعد زرع الذعر في النفوس. وأن المادة 184 من قانون العقوبات نصت على حق الدفاع عن النفس المشروع الذي يدخل ضمن أسباب التبريرالتي من شأنها نزع الصفة الجرمية عن الفعل._
وأضافت المحكمة في حيثياتها بأن المشرِّع اللبناني نص في المادة 563 عقوبات وتحت عنوان "العذر في القتل والأيذاء" بأن الأفعال التي تُعدُّ من قبيل الدفاع عن النفس هي:
*فعل من يدافع عن نفسه أو عن أمواله أوعن نفس الغير أوعن أمواله تجاه من يقدم على استخدام العنف للسرقة او للنهب.
*الفعل المقترف عند دفع شخص دخل أو حاول الدخول ليلا ألى منزل آهِلٍ أو ألى ملحقاتها الملاصقة بتسلُّق السياجات أو الجدران أو المداخل أو ثقبها أو كسرها أو باستعمال مفاتيح مقلدة أو أدوات خاصة..
وخلُصت المحكمة بمضمون نص المادة 563 عقوبات وتطبيقها على الأفعال، بأنه وعند تحقُّق أِحدى الحالتين المذكورتين أعلاه، وتوفُّرشروط انطباقهما بكل العناصرالواردة في النص، يُعتَبَر"فعل القتل" الذي يطال أحد الأشخاص من قبيل الدفاع عن النفس المشروع حُكْماً، فلا تترتب أية مسؤولية على الفاعل، وهي قرينة قانونية على توفُّر حالة الدفاع المشروع عن النفس، المنصوص عليها في المادة 184 عقوبات، سواء لجهة وجود الخطر، أم تناسُب الفعل المُرْتكب مع جسامة الخطر، باعتبار ان ما أوردته المادة 563 عقوبات تشكل حالات خاصة من الدفاع المشروع عن النفس، مفترضة بمجرد توافرها، خلافا لِما أثاره المستدعي المميز._
وأضافت المحكمة بأن الهيئة الأتهامية اعتبرت الحالتين المنصوص عليهما في المادة 563 عقوبات متحققتين، استنادا الى ما استثبتت منه الهيئة الأتهامية في معطيات التحقيق والأدلة كافة، والتي بيَّنتها تفصيلا، من خلال ما أوردته من عناصر أظهرت تحقُّق الحالتين المذكورتين. وأضافت المحكمة أنه على الرغم من الأستثباتات التي تحققت منها الهيئة الأتهامية في نص المادة 563 عقوبات من خلال التحقيق والأدلة، بحثت ايضا في عناصر الدفاع عن النفس المشروع وفق ما لها من الحق في التقدير للأدلة والمعطيات كافة، طالما لم تستند الى وقائع مشوّهة._
وأكدت المحكمة أن تشويه الوقائع ومضمون المستندات يتحقق عند استناد القرار الأتهامي ألى واقعة غير واردة في التحقيق أوغير واردة في مضمون المستندات، أوعند الأستناد ألى واقعة بعد تحويرها خلافا للحقيقة. وأن ما ورد في الصفحة 19 من القرار المطعون فيه الصادرعن الهيئة الاتهامية في بعبدا، وفي مطلع الصفحة 20 وفي الحيثية الاخيرة من الصفحة 31، جاء مطابقا لما ورد في تقرير قسم المباحث العلمية – تقرير المختبرات الجنائية – تاريخ 2 نيسان 2020 من دون أي تشويه في مضمونه، بل نقلا عما جاء فيه.علما ان التقريرتضمن بأن عدد الرصاصات الفارغة المضبوطة بلغ 19، والممشط العائد للمسدس سعته 17. والمعاون ر.ب. الذي شارك في أعداد تقرير المختبرات الجنائية، أفاد لدى الأستماع أليه أمام الهيئة الأتهامية، أنه نظم تقريره بناء على ما استلم من مضبوطات، وأنه استلم 19 خرطوشة فارغة، والممشط العائد للمسدس المضبوط يتسع ل17 طلقة، وأنه يمكن استخدام ممشط يتسع ل30 أو 33 طلقة. _
وأوضحت المحكمة في قرارها التمييزي بأن ما أثاره المُمَيِّز – المستدعي، لا يندرج ضمن السبب التمييزي المتعلق بتشويه الوقائع، وأنه يحق للهيئة الأِتهامية تقديرالأدلة وترتيب النتائج القانونية عليها، فلا يؤخذ على القرار المطعون فيه أي تشويه لمضمون تقرير المختبرات الجنائية تاريخ 2 نيسان 2020. وقد بيّنت الهيئة الأتهامية الأسباب الواقعية التي ارتكزت أليها لتبريرالنتيجة التي توصلت اليها، وبينت بصورة واضحة الأدلة التي استندت أليها، وهي أِذ لم تجد في معطيات التحقيق ما يحدو بها الى القول بأن القرينة القانونية المنصوص عليها في المادة 563 عقوبات التي ساقتها لصالح المميز ضده، مستبعدة، وتكون بذلك قد مارست حقها في التقدير في ضوء ما ظهر لها من خلال التحقيقات المجراة والأدلة وظروف حصول الفعل، والترجيح بين الأدلة، حين اعتبرت أنه لم يثبت في الملف أي معطيات أو أدلة من شأنها أن تهدم هذه القرينة التي يستفيد منها المدعى عليه"وهو الأمر الذي يخضع لتقدير الهيئة الأِتهامية من دون رقابة من جانب محكمة التمييز، طالما لم يعْتَرِ تقديرها هذا عيب التشويه، الأمر غير المحقق._
وحيث ان القرارالمطعون فيه جاء معللاً تعليلاً كافيا، ومبرراً بالنتيجة القانونية التي خلُص أليه، فلا يؤخذ على القرارالمطعون فيه فقدان الأساس القانوني، أوالنقص بالتعليل، كما لا يؤخذ عليه الخطأ في تفسير القانون أو تطبيقه، أوأي مخالفة قانونية مما أثارته الجهة المُمَيِّزة، فتُرَدّ بذلك أسباب التمييز كلها، ويُبْرم القرارالمطعون فيه._